رؤساء الكهنة المعارضون لتأليه المسيح و الثالوث .
*********************************
بسم الله و الحمد لله على نعمة الإسلام , و صلي اللهم على نبينا محمد .
( مختصر عن كتابي : أسرار الكنيسة )
ظلت المسيحية على التوحيد لمدة ثلاثة قرون تقريباً بعد المسيح
و في النصف الثاني من القرن الثالث ابتدأت عقيدة تأليه المسيح بجعله إبناً لله , فقام أسقف ( رئيس كهنة ) أنطاكية ( بولس الساموساطي ) في سوريا يدافع عن التوحيد و يقول أن المسيح أخذ مبدأ وجوده من مريم على الأرض . فانعقد مجمع في انطاكية و حكم بتجريده من الكهنوت , و لكن تلك العقيدة في المسيح لم تنتشر بين النصارى .
و في نهاية القرن الثالث قام ( سابيليوس ) كاهن مدينة الاسكندرية , يؤكد الوحدانية , و قال إن ( الأقانيم ) عقيدة خيالية , و عُقِدَ مجمع في روما و تم حرمه
و في بداية القرن الرابع , قام الأسقف ( ميليتوس ) في أسيوط بمصر ليؤكد الوحدانية , و أن المسيح مخلوق . و لم يعارضه أحد , و استمرت هذه العقيدة حتى سنة 325 م .
و قام بطريرك الاسكندرية ( الكسندروس ) ينشر عقيدة ( المسيح ابن الله ) و يؤيده تلميذه الشماس ( تيموثاؤس ) و كان عمره يومئذ 18 سنه .
فقام ( أريوس ) أسقف الإسكندرية يعارضهما و ينكر لاهوت ( تأليه) المسيح .
و قال إن المسيح هو أشرف خليقة الله التي خلقها , و أنه أسمى من البشر و لكنه أقل من ( الله )الآب في طبيعته و مقامه , وهو نائب الآب على الأرض , وهو مخلوق .
فحاكمه بطريرك الاسكندرية و اتهمه بالتجديف ( قول الكفر ) و طرده من الكنيسة .
فذهب إلى فلسطين , وهناك وافقه الأسقف ( يوسيبيوس ) والمؤرخ (يوسيبيوس)
و اجتمع مجمع ( نيقية ) يضم 318 اسقف و جمع غفير من الكهنة و الشمامسة و العلماء بلغ 2084 شخصاً .
و استمر المجمع شهرين برئاسة ( قسطنطين) الإمبراطور الوثني يومئذ , و رفض أراء أريوس , و رفض الأساقفة سماع حجة أريوس وسدوا أذانهم .
و حكموا بحرمه و حرق كتبه و نفيه.
و انتشر تعليمه أي التوحيد في مصر و سوريا و اليونان .
و بعد عشر سنوات , إقتنع قسطنطين برأي أريوس , وجمع مجمعاً في ( صور ) يضم 200 أسقف , و أعلن موافقته على عقيدة التوحيد , و تنصَّر على يد الأسقف
( يوسيبيوس ) المؤيد للتوحيد المنادي به أريوس .
و طرد قسطنطين أصحاب عقيدة ( المسيح ابن الله ) لقولهم أن الأب و الإبن متساويان في الطبيعة الإلهية .
و انتشر التوحيد و شمل معظم البلاد .
و خلفه إبنه ( قسطنطيوس ) حاكماً على شرق الإمبراطورية , و على نفس عقيدة أبيه , أي التوحيد , فأصبحت عقيدة أريوس في المقدمة في الشرق كله , و أما إمبراطور الغرب(قسطنس) فنشر عقيدة الأب و الإبن المتساويان في الطبيعة و اللاهوت .
و ظل الحال هكذا لعشرات السنين , ثم توحدت الإمبراطورية , و نصر الأباطرة عقيدة الشرك بالسيف .
و في سنة 381 ظهرت عقيدة تأليه الروح القدس و الثالوث لأول مرة .
فقام الأسقف (مقدونيوس) ينكر تأليه الروح القدس , و قام معه الأسقف ( سابيليوس) ينكر الثالوث . و عقدوا مجمعاًً في القسطنطينية لمحاكمتهما , تم حرمهما أي تكفيرهما , و نفيهما هما و أنصارهما .
و في بداية القرن الخامس ظهرت عقيدة توريث خطية أدم لنسله , فقام الراهب الإنجليزي العلامة ( بيلاجيوس ) ينكر توريث الخطية , فأنكر الفداء بقتل المسيح و فكرة عقيدة تجسيد ابن لله . فدمر العقيدة المسيحية المبتدعة من أصولها .
و وافقه ( يوحنا ) أسقف أورشليم .
و اعتبرا أن المسيح هو النموذج الأمثل للبر .
و تم عقد مجمع أفسس الأول سنة 431 و طردوهما , وحارب الأباطرة مع البطاركة هذه العقيدة و سحقوها .
و في سنة 428 قام بطريرك الاسكندرية ( كيرلس ) يشيع قول أن مريم أم إلهه , فقام ( نسطور ) بطريرك القسطنطينية ينكر عليه , و قال إن الإنسان لا يلد إلا إنساناً , فاشتعلت منازعة عظيمة , لأن كلام ( نسطور ) يعني أن المسيح ليس إلهاً متجسداً و لا مساوياً لله .
و أجمع المؤرخون على اتهام ( كيرلس ) المصري بعدم النزاهة في محاربته ل( نسطور ) و أنه كان مدفوعاً بعامل الغيرة , نظراً لازدياد سلطان و شهرة ( نسطور ) بطريرك القسطنطينية .
و عقدوا مجمعاً في أفسس سنة 431 برئاسة كيرلس , و قام نسطور يعلن أن مريم ولدت انساناً فقط هو يسوع , الذي إمتلأ نعمة و بركة من خالقه , و شبهه باّدم .
فقال المجتمعون إن للمسيح طبيعتان , طبيعة بشرية من أمه و طبيعة إلهية من أبيه الآب ( الله ) . و وافق ( كيرلس ) المصري على تلك العقيدة كيداً في ( نسطور ) لأن كنيسة مصر الأرثوذكسية تحكم بكفر من يؤمن بالطبيعتين في المسيح .
و حكموا بتجريد نسطور من رتبته و حكموا عليه بالنفي , وكان عددهم 200 أسقف . و عارضهم يوحنا أسقف أنطاكيه و غيره من الأساقفة الشرقيين .
و ما زال هذا الأمر موضع خلاف عند أكثر المؤرخين .
و من ذلك التاريخ , اختلف البطاركة في طبيعة المسيح , و حكموا بتكفير بعضهم البعض .
فمنهم من قال إن للمسيح طبيعتين و مشيئتين منفصلتين , وممكن أن يتعارضا , في مجمع ( خلقيدونيا) سنة 451 و هم الكاثوليك الملكانيين , وحكموا بتكفير كل من يخالفهم .
و منهم من قال أن للمسيح طبيعة واحدة و مشيئة واحدة , وهم المصريون اليعاقبة الأرثوذكس , في مجمع القسطنطينية الثالث سنة 680 , وتلاعنوا و حكموا بكفر من يخالفهم .
ومنهم من قال أن للمسيح طبيعتين و مشيئة واحدة ليحل المشكلة بين المتلاعنين , وهم المارونيين في لبنان , فرفضهم كل من الفريقين السابقين و حكموا بكفرهم .
و كل طائفة صار لها قانون ايمان مختلف في تلك النقطة و في نقطة أخرى و هي :
إنبثاق الروح القدس .
فاختلفوا في إنبثاق ( ولادة ) الروح القدس , فمنهم الكاثوليك القائلين أنه منبثق من الآب و الإبن , في مجمع القسطنطينية الرابع سنة 869 , و منهم الارثوذكس القائلين أن الروح منبثق من الآب فقط في مجمع القسطنطينية الخامس سنة 879 و أيدهم اليونانيون , ومن هذا المجمع انقسمت الفرق المسيحية تماماً بلا عودة . و كل الفرق تكفر بعضها البعض .
و لأن حُكم البطريرك نافذ في السماء قبل الأرض , فقد صار كل المسيحيين كفاراً بحكم عقيدتهم .
هذه عقيدة تم تأليفها في المجامع , و لم يظلمهم الله بل ظلموا أنفسهم , وحكموا على أنفسهم بالحق . و لما سألت أب اعترافي و أنا مسيحي عن هذا التكفير , قال لي : للأسف هو صحيح . فسألته يومئذ : وما الحل ؟ فقال : ربنا يرحمنا .
أما أنا فوجدت أن الحل في الاسلام و التوحيد .
و الحمد لله على نعمة الاسلام .
كتبه / د . وديع أحمد , الشماس المصري الذي هداه الله للاسلام .
24 جماد اّخر 1432